الجمال والحب
أَفْضَـىْ لَنَـاْ نُـوْرُ الصَّبَـاْحِ، وَأَخْـبَـرَاْ
عَـنْ قِصَّـةٍ فِيْـهَـا الْـغَـرَاْمُ تَحَـيَّـرَاْ
..
لَمَّـاْ رَأَتْ شَمْـسُ الصَّـبَـاْحِ صَبِـيَّـةً
أَبْهَـىْ مِـنَ الْبَـدْرِ الْـمُـدَوَّرِ مَنْـظَـرَاْ
..
لَمَّـتْ جَدَاْئِلَـهَـاْ، وَأَخْـفَـتْ وَجْهَـهَـاْ
وَالنُّوْرُ فِيْ وَضَـحِ الظَّهِيْـرَةِ أَزْهَـرَاْ
..
فَاسْتَغْـرَبَ الْــوَرْدُ الْجَمِـيْـلُ فِعَاْلَـهَـاْ
وَاسْتَنْكَرَتْ طَيْرُ الْخَمَاْئِـلِ مَـاْ جَـرَىْ
..
فَـأَفَـاْدَ نُــوْرُ الـنُّـوْرِ أَنَّ قَـضِـيَّـةً
تَمْتَـدُّ مَـاْ بَيْـنَ الثُّـرَيَّـاْ وَالـثَّـرَىْ
..
شَمْـسٌ تَغَـاْرُ، وَنَجْمَـةٌ تَلْهُـوْ ، وَمَــاْ
مِــنْ حُـلْـوَةٍ إِلاَّ وَتُسْـكِـرُ سُـكَّـرَاْ
..
وَالشَّهْـدُ يَقْطُـرُ مِـنْ شِفَـاْهِ عَرَاْئِـسٍ
جَـاْدَتْ، فَحَيَّـاْهَـا الْجَـمَـاْلُ، وَكَـبَّـرَاْ
..
وَالْحُسْـنُ يَقْـتَـاْدُ الْقُـلُـوْبَ بِسِـحْـرِهِ
مَبْهُـوْرَةً، أَمَّـا الْعُيُـوْنُ، فَـلاْ تَـرَىْ
..
إِلاَّ الْـجَـمَـاْلَ لأَنَّـهَــاْ مَـسْـحُـوْرَةٌ
بِالأَبْيَـضِ الْفِـضِّـيِّ مَــاْزَجَ أَحْـمَـرَاْ
..
فَاغْرَوْرَقَـتْ بِدُمُوْعِهَـاْ، وَتَكَـسَّـرَتْ
أَجْفَاْنُـهَـاْ؛ لَـمَّـا الْـغَـرَاْمُ تَـكَـسَّـرَاْ
..
وَاللَّيْلُ أَمْسَـىْ – لِلرِّيَـاْضِ– سِتَـاْرَةً
وَالْغَيْمُ أَصْبَحَ - لِلْحَدَاْئِـقِ- مِئْـزَرَاْ
..
فَتَسَتَّرَ الرَّوْضُ النَّضِيْـرُ، وَأَسْفَـرَتْ
قِمَمٌ بِهَاْ طَيْفُ الْجَمَاْلِ تَبَخْتَرَاْ
..
وَاسْتَيْقَظَـتْ أَبْهَـى الطُّيُـوْرِ، وَلَحَّـنَـتْ
أَلْحَاْنَـهَـاْ، وَتَرَنَّـمَـتْ لَـمَّـاْ سَــرَىْ
..
طَيْـفُ الْـغَـرَاْمِ، وَأَشْـرَقَـتْ أَنْــوَاْرُهُ
وَالْقَلْبُ - بِالْعِشْقِ الْعَفِيْـفِ - تَزَنَّـرَاْ
..
وَبَدَاْ ضِيَـاْءُ الْحُسْـنِ فِـيْ لَيْـلِ الْهَـوَىْ
وَالْحُبُّ - مِـنْ ثَمَـرِ الْفَضَاْئِـلِ - أَثْمَـرَاْ
..
وَتَعَاْنَـقَ الأَحْبَـاْبُ فِـيْ فَجْـرِ الْمُـنَـىْ
وَالْحُبُّ - فِـيْ بَحْـرِ الْمَحَبَّـةِ - أَبْحَـرَاْ
..
فَتَحَـدَّثَ الْعِشْـقُ الْمُظَلَّـلُ بِاللَّـمَـىْ
وَالصُّبْحُ عَنْ سُـوْقِ الْحَقَاْئِـقِ شَمَّـرَاْ
..
وَرَوَى الــرُّوَاْةُ رِوَاْيَــةً مَـوْثُـوْقَـةً
حُفِظَـتْ زَمَاْنـاً كَـيْ تُـذَاْعَ، وَتُنْـشَـرَاْ
..
مَضْمُوْنُـهَـاْ: أَنَّ الْجَـمَـاْلَ مُـعَــزَّزٌ
وَمُـقَـدَّمٌ، مَهْـمَـا اخْتَـفَـىْ، وَتَـأَخَّـرَاْ
..
وَالْحُسْـنُ لَيْـسَ بِضَـاْعَـةً مَعْـرُوْضَـةً
حَتَّـىْ تُسَـعَّـرَ بِالنُّـقُـوْدِ، وَتُشْـتَـرَىْ
..
هُـوَ جَوْهَـرٌ - يَسْمُـوْ سُمُـوًّا ظَاْهِـرًا
- فَـرْدٌ فَرِيْـدٌ، لاْ يُشَاْبِـهُ آخَــرَاْ
..
أَسَـرَ الْغَـرَاْمَ، وَزَجَّـهُ فِـيْ قُمْقُـمٍ
مِـنْ غَيْـرِ حَـرْبٍ، وَاسْتَمَـرَّ مُظَـفَّـرَاْ
..
وَالْعِشْقُ مِنْ صُنْعِ الْجَمَـاْلِ، وَجُـوْدِهِ
وَقَبُـوْلُـهُ سَــرَّ الْقُـلُـوْبَ، وَأَسْـهَـرَاْ
..
وَسَلاْمَـةُ الْعُشَّـاْقِ فِــي اسْتِسْلاْمِـهِـمْ
كَيْ لاْ يَعُوْدُوْا فِـي الْغَـرَاْمِ الْقَهْقَـرَىْ
..
أَسْفَاْرُهُمْ تُتْلَـىْ، وَتُحْفَـظُ، وَالْهَـوَىْ
كَالصُّبْـحِ فِـيْ لَيْـلِ الْمَحَـبَّـةِ أَسْـفَـرَاْ
..
فَتَنَفَّـسَ - الصُّعَـدَاْءَ - كُـلُّ مُتَيَّـمٍ
وَبِفَضْـلِ أَنْــوَاْرِ الْمَحَـبَّـةِ أَبْـصَـرَاْ
..
وَبَـدَتْ وُرُوْدُ الْحُـبِّ مِـنْ أَكْمَاْمِهَـاْ
وَتَرَاْقَصَـتْ أَغْصَـاْنُ عُشَـاْقِ الْــوَرَىْ
..
وَبَـدَتْ بُـدُوْرُ الْحُـبِّ؛ بَـعْـدَ غِيَاْبِـهَـاْ
وَأَتَـىْ الْغَـرَاْمُ إِلَـى الْـغَـرَاْمِ مُبَـشِّـرَاْ
..
فَهَتَفْـتُ: إِنَّ الْحُـبَّ يَبْقَـىْ مَرْجِعـاً
وَمُوَجِّهـاً لِلْعَاْشِقِـيْـنَ، وَمَـصْـدَرَاْ
..
وَالْـحُـبُّ يَبْـقَـىْ بِالْجَـمَـاْلِ مُعَلَّـقـاً
حَتَّـىْ يَجُـوْدَ عَلَـى الْقُلُـوْبَ، وَيُشْهَـرَاْ
..
يَضَعُ الْقُلُوْبَ عَلَـى الْقُلُـوْبِ بِحُنْكَـةٍ
وَيَزُوْرُهَـاْ مَهْـمَـاْ نَــأَىْ، أَوْ هُـجِّـرَاْ
..
وَيُـرَوِّضُ الْعُشَّـاْقَ فِـيْ بَحْـرِ الْهَـوَىْ
وَيُصَيِّرُ الذِّئْبَ الْمُعَاْنِـدَ جُـؤْذُرَاْ
..
وَيُغَـيِّـرُ الْـحَـاْلاْتِ فِــيْ أَحْوَاْلِـهِـمْ
فَكَـأَنَّـهُ قَـــدَرٌ عَلَـيْـهِـمْ قُـــدِّرَاْ
..
يُعْطِـي الضِّعَـاْفَ شَجَاْعَـةً؛ وَبَـلاْغَـةً
وَفَصَـاْحَـةً؛ وَتَسَـلُّـطـاً؛ وَتَـجَـبُّـرَاْ
..
فَتَرَى الْحِسَـاْنَ يَصُلْـنَ دُوْنَ تَـرَدُّدٍ
وَالظَّبْيُ يَصْرَعُ - بِالْغَرَاْمِ - غَضَنْفَرَاْ
..
وَالْحُسْنُ لَوْ زَاْرَ الصَّحَاْرَىْ أَمْرَجَـتْ
وَالْحُـبُّ لَـوْ مَـسَّ السَّحَـاْبَ لأَمْـطَـرَاْ
..
وَأَعَــاْدَ لِلشَّـيْـخِ الْعَلِـيْـلِ شَـبَـاْبَـهُ
مِـنْ بَعْـدِ مَـاْ أَفْنَـى الشَّبَـاْبَ؛ وَعَمَّـرَاْ
..
فَرَمَـى الْعَصَـاْةَ، وَرَاْمَ ظَبْيـاً شَــاْرِداً
قَبْـلَ الْغُـرُوْبِ إِلَـى التَّـلاْقِـيْ بَـكَّـرَاْ
..
وَمَـشَـىْ يُعَـلِّـلُ نَـفْـسَـهُ، فَلَـعَـلَّـهُ
يَصْطَاْدُ خَوْداً، أَوْ يُغَاْزِلُ مُعْصِرَاْ
..
وَيَعِيْـشُ بَيْـنَ الْحُسْـنِ وَالْحُـبِّ الَّــذِيْ
أَخَــذَ الْقُـلُـوْبَ أَسِـيْـرَةً؛ وَتَغَـيَّـرَاْ
..
إِنَّ الْجَـمَـاْلَ مَــعَ الْمَحَـبَّـةِ نِعْـمَـةٌ
أَوْ نِقْمَـةٌ تَفْـرِي الشَّـبَـاْبَ الأَخْـضَـرَاْ
..
وَالْعَاْشِـقُ الْوَلْـهَـاْنُ يَقْـصِـدُ حَتْـفَـهُ
بِجُنُوْنِـهِ حَـتَّـىْ نَــرَىْ مَــاْ قُــدِّرَاْ